دروب العشق

موقع أيام نيوز


إلى منزل عمه بينما هي فأخرجت هاتفها واخذت تعبث به تارة وتارة تتابع الطريق في صمت !! .......
جاثية أمام قبر والدتها تتلمس بيدها التراب المدفونة اسفله ودموعها لا تتوقف للحظة عن البكاء .. تذرف الدموع كأنها دماء من شدة ألمها وحزنها بقيت بلا أب ولا أم ولا أخ .. لم يعد هناك شيء يدعى أهل ستحرم من الدفء والحنان والعناية والسعادة وكل شيء ستكون حبيسة شجونها والآمها إلى الأبد وستظل تعاني ألم الفراق حتى تخرج روحها وتذهب لهم !! .

كان الحارس الخاص بها يقف على مسافة بعيدة قليلا عنها ليترك لها حريتها في إفراغ ما يخنق نفسها فشعر بيد توضع على كتفه ليلتفت ويجده كرم فيبتسم في هدوء ويبادله هو الإبتسامة مربتا على كتفه يسمح له بالذهاب فأماء له بالموافقة واستدار وسار مبتعدا مغادرا المكان بأكمله أما هو فحمل دلو الماء الصغير واقترب ناحيتها ثم وقف خلفها بمسافة قصيرة واسنده على الأرض ورفع كفيه لأعلى يبدأ في قراءة سورة الفاتحة بصوت منخفض ثم حمله مجددا واتجه به نحو زرعة الصبار الصغيرة بجانب قپرها وقام بسقيها بالماء لتنتبه هي له وتنتفض واقفة لتنفض عن ملابسها السوداء الأتربة هاتفة باستعجاب 
عرفت إزاي إني هنا !
وضع الدلو على الأرض بعد أن فرغ من الماء وغمغم في خفوت جميل 
مسعد اتصل بيا وقالي وحتى لو مكنش قالي أنا باجي كل يوم هنا بزور سيف وأروى
نسيت أن ذلك الحارس لا يتأخر في إخباره بأي مكان تذهب له ولكن لم تعد تهتم فليخبره كما يشاء وليؤدي مهتمه على أكمل وجه فبؤسها الآن أشد
من أن تنشغل بأمره .
لاحت ابتسامة شبه خفية على شفتيها وعادت تحدق بقبر والدتها تدعو لها في صوت لا يسمع بأدعية خاصة بالمټوفي ودموعها تسقط من حفنيها في صمت ولتمر دقائق قصيرة وكل منهم يستخدم طريقة مختلفة في الدعاء وعندما وجدت نفسها ستنهار في البكاء أمامه ففضلت الرحيل وطلبت منه أن يذهبوا فلم يبدي أي اعتراض ورافقها حتى وصلوا لسيارته واستقلت بالمقعد المجاور له .
خرج همسها بعد دقيقيتن وهي مستندة برأسها على زجاج السيارة وعيناها معلقة على الطريقة 
قبل ما تتوفي بيومين كان بتكتبلي على الورقة دايما وتقولي أنا حاسة إني هروح لسيف قريب أوي وأنا كنت بضايق منها وبقولها وهتسبيني إنتي كمان زيه انا مليش غيركم وهفضل وحدي .. وأهي سابتني وبقيت لوحدي مليش حد حتى عمي ميعرفش إنها ماټت أساسا ولو عرف مش هيسأل فيا مفضليش في الدنيا دي ناس غيرك
آخر كلمة نطقت بها جعلته ينظر لها باستغراب
بسيط ولكنه لم يعرف بماذا يجيب عليها فأطال النظر إليها لثواني يحاول إيجاد الكلمات ولكنها لا تأتي وحين وجدها ستلتفت برأسها ناحيته فأشاح بنظره فورا وثبته على الطريق لتبتسم هي بخفة رغم الكآبة المهيمنة عليها عندما فهمت أثر كلمتها الأخيرة على نفسه الخجولة وفهمت اضطرابه وعدم إيجاد الكلمات المناسبة .. نفسه الخجولة التي لا تزال حتى الآن تستعجب منها ولا يستوعب عقلها أن هناك رجل يخجل من النساء هكذا فقررت إصلاح ما تفوهت به وغمغمت في رزانة 
اقصد إني مبقليش حد غيرك إنت وطنط هدى ورفيف يعني مفاضليش غيركم
اتاها صوته أخيرا وهو يبتسم بساحرية متمتما 
فاهم ياشفق ومتقلقيش هفضل دايما معاكي وجمبك لغاية ما اسلمك بإيدي لعريسك اللي يصونك عشان سعتها ابقى مطمن عليكي وأكون وفيت بوعدي لأخوكي واحنا بقينا اهلك خلاص وإنتي بقيتي واحدة مننا فمش عاوز اسمعك بتقولي تاني إنك لوحدك وملكيش حد
عادت تنظر للطريق وهي توميء له بتفهم وإيجاب لتجده يهتف بدفء بعد لحظات من الصمت بينهم 
أنا عازمك على الفطار النهردا أعتقد معندكيش مانع
هدرت في رفض رقيق وصوت ناعم 
مليش نفس والله ياكرم للأكل نهائي
هتف ببساطة متجاهلا
رفضها الهامشي بالنسبة له 
تمام يبقى موافقة .. على العموم احنا خلاص قربنا نوصل للمطعم أهو !
حدقت به لثلاث ثواني بالظبط ثم اشاحت بنظرها وهي تهز رأسها متنهدة بابتسامة مغلوبة على أمرها .. فلم يترك لها حق الاختيار واصبح حتى تناول الطعام بالإجبار مثل الحارس وغيره !!
نزع حذائه بجانب الباب ثم اتجه صوب غرفته وقام بتبديل ملابسه و القى نظرة على ساعة الحائط يتفقد الساعة ليجدها الثالثة عصرا فيتنهد بإرهاق ويقترب من الفراش يلقي بجسده عليه سامحا لعيناه بالانغلاق حتى ترتاح قليلا من مشقة العمل منذ الصباح الباكر ولكن صوت ارتطام إحدى الأدوات المعدنية الخاصة بالمطبخ على الأرض والتي اصدرت صوت مفزع جعلته يثب جالسا بزعر بعد أن كانت عيناه ستنصاع خلف رغبتها في الراحة وتشوقها للنوم .
مسح على وجهه متأفف ثم هب واقفا وغادر متجها إلى المطبخ ثم وقف مستندا على باب المطبخ بكتفه عاقدا ذراعيه أمام صدره يتابعها وهي توليه ظهرها وومركزة كامل انتباهها على الطعام التي تقوم بتحضيره بينما هو فكان انتباهه
 

تم نسخ الرابط